بات معروفا حاليا أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للمراقبة الجماعية (أنظمة التعرف على الوجوه على سبيل المثال) وتمكين الحكومات أو الكيانات الأخرى من مراقبة مواطنيها والسيطرة عليهم على نطاق غير مسبوق. وقد يؤدي ذلك إلى فقدان الخصوصية، فضلا عن إساءة استخدام السلطة من قبل أولئك الذين يتحكمون في تقنيات المراقبة هذه وربما استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان وغيرها من أشكال القمع.
وأبرز مثال على ذلك ما نشره موقع الجزيرة حول توظيف سلطات الاحتلال الصهيوني للذكاء الاصطناعي في انتهاك صارخ لحقوق الفلسطينيين في مدينة الخليل حيث تنشر كاميرات ترصد حركة ووجوه الفلسطينيين وتحفظ بياناتهم وتتعرف عليهم، فيتخذ الذكاء الاصطناعي قرارا بالسماح بمرورهم أو رفضه عند نقاط التفتيش المختلفة، أو حتى تصفية المشتبه فيهم، دون تدخل بشري.
وقد قدم تحقيق خاص للجزيرة تفاصيل نظام مراقبة عنصري لا مثيل له عالميا؛ نظام يتعقب سكان الخليل، ويجعل حياتهم تحت أعين غابة من الكاميرات، ترصد تحركاتهم على مدار الساعة، ويتخذ فيه الذكاء الاصطناعي قرار السماح بالمرور، أو رفضه، أو حتى تصفية المشتبه فيهم، دون تدخل بشري.
وتابع برنامج “المرصد” (2023/5/29) تفاصيل التحقيق الذي بيّن أن الاحتلال يروق له أن يسمي الخليل “المدينة الذكية”، وذلك كناية عن نظام متطور للمراقبة والتعرف على وجوه الفلسطينيين. وعرض فريق والبرنامج تصريحا للناشط الفلسطيني ضد الاحتلال عزت الكركي الذي يعيش في منطقة “إتش2” (H2)، حسب ما تسميها دولة الكيان الصهيوني.
وأوضح في حديثه الكيفية التي تتحكم فيها الكاميرات والحواجز في حياته اليومية، إذ تتواجد أكثر من 22 نقطة تفتيش إسرائيلية تتعرف من خلالها على الشخص القادم نحوها قبل وصوله.
ويعلم سكان الخليل أن كل هذه الغابة من الكاميرات مصممة لحماية المستوطنين، وليس الفلسطينيين طبعا، خاصة أن الأمر لا يقتصر على كثافة الكاميرات في الأحياء الفلسطينية، بل على وجهتها نحو منازل السكان؛ فهي أشبه بغزو لخصوصياتهم.
وقال الباحث والمستشار في منظمة العفو الدولية مات حمودي إن سلطات الاحتلال تحاول إنشاء قاعدة بيانات لوجوه الفلسطينيين، وعند وصولهم لنقط التفتيش تكون معلوماتهم مخزنة مسبقا. فإسرائيل تعتمد على أنظمة إلكترونية حفظت فيها بيانات الناس من دون علمهم أو موافقتهم، ويجري التعامل معهم وفق خوارزميات الآلات، وعليهم المرور عبرها نحو حياتهم اليومية؛ لتكون بذلك حياتهم تحت سيطرة الذكاء الاصطناعي.
يذكر أنه في الثاني من ماي الماضي، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا صادما عما يجري في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، وحمل التقرير عنوان: الأبارتايد الرقمي، سلطات الاحتلال تستخدم تكنولوجيا التعرف على الوجوه لترسيخ نظام آلي للفصل العنصري.
وعلى مدى 82 صفحة، يشرح التقرير إرساء سلطات الاحتلال نظاما تكنولوجيا معقدا يعرف باسم “الذئب الأحمر”، وذلك لحماية بؤرة استيطانية تقع في قلب المدينة. ونظام الذئب الأحمر منشور عند الحواجز العسكرية في الخليل حيث يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين، ثم يضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة، من دون موافقتهم.
المصدر: الجزيرة