في اطار مواصلة جهود تونس الهادفة إلى وضع حدّ للعدوان السافر المتواصل على الشعب الفلسطيني، شارك اليوم 18 أكتوبر 2023 بجدّة وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمّار في الاجتماع الطارئ للجنة التنفيذية مفتوحة العضوية لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الاسلامي، حيث ألقى كلمة تونس الآتي نصّها:
“صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، وزير خارجية المملكة العربية السعودية الشقيقة،
أصحاب المعالي،
معالي السيد حسين إبراهيم طه، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي،
إنّ الجرائم الفظيعة والنكراء المقتـرفة من الاحتلال الغاشم ضدّ أبناء الشعب الفلسطيني في غزّة، في مشهد مروّع وصادم، وَصمةُ عار على جبين الإنسانية.
وقد بلغت هذه الإنتهاكات الفظيعة درجة غير مسبوقة من الإجرام والوحشيّة ما يعدّ عملية إبادة ممنهجة وصلت حدّ قتل مئات عديدة من المدنيين في عملية قصف المستشفى المعمداني بغزّة أمس: فهل إلى هذا الحدّ تظلّ سلطة الاحتلال فوق المساءلة وفوق العقاب؟
إنّ هذا الانحراف الخطير في التعامل الصهيوني مع الشعب الفلسطيني يضرب عرض الحائط بكلّ منظومة القانون الدولي والإنساني، بل بمجموعة القيم الإنسانية المشتركة التي أرستها البشريّة منذ عقود ما يشكّل تهديدا خطيرا للتعايش والأمن والاستقرار في العالم. وعلينا أن نسائل كل الدول والأطراف المنحازة للمحتلّ: إلى متى هذا العمى؟ وإلى متى ستوفّرون الغطاء السياسي والدّعم بمختلف الأشكال لهذا الكيان المحتل الذي يعمل معول الهدم والتدمير في القيم الإنسانية وفي أُّسس السّلام العالمي ويتناسى التاريخ القريب؟
إنّ من أوكد واجباتنا اليوم كدول إسلامية محبّة للعدل والسلام، وأمام هذا المشهد بالغ الخطورة، أن نوحّد جهودنا في التحرّك العاجل على مستوى الأمم المتّحدة ومحكمة الجنايات الدولية لإدانة هذه الإنتهاكات الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والمطالبة بوقفها فورا والعمل على إغاثة الشعب الفلسطيني وتوفير حماية دولية فعليّة له وإعادة القضيّة الفلسطينية العادلة إلى صدارة الاهتمام العالمي.
فأمام هذه الإبادة الجماعية التّي تقترفها سلطة الاحتلال، بات الصَّمتُ جريمة موصوفة. وإنّ المجتمع الدّولي مُطالب الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، بتحمّل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية في فرض الوقف الفوريّ للعدوان الغاشم واللاّإنساني ضدّ الفلسطينيين، ووضع حدّ لسياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.
ولقد بات من الضروريّ أيضا مواجهة الآلة الإعلامية الصهيونية المضلّلة والقنوات العالمية المُنحازة لها، والتي تقوم بتشويه الحقائق وتَبرير ما يتعرّض إليه الشعب الفلسطيني الأبي من تقتيل وتشريد ومخططات تهجير. وفي هذا السياق، تدعو تونس إلى تحرك إعلاميّ مشترك لدحض الافتراءات التي ترمي إلى تشويه هذه القضية الإنسانية، وقلب الحقائق بما يخدمُ أجندات الكيان المحتلّ ومسانديه.
السيد الرئيس،
إنّ الحقّ الفلسطيني حقٌّ بيّنٌ تفرضه كل المبادئ والقيم الإنسانية، وتؤكّده ترسانة قرارات الشرعية الدّوليّة الصادرة على مدى عقود. فلا سلام في المنطقة إلاّ بتسوية سياسية عادلة ودائمة، تُعيد الحقوق المشروعة إلى الشعب الفلسطيني.
وإنّ تونس، التي أحيت في منتصف أكتوبر الحالي الذكرى الستين لجلاء قوات الاستعمار عن أراضيها، والتي تتبنّى مواقف مبدئية وثابتة تجاه كافّة القضايا العادلة، لا تتغيّر حسب المصالح السياسوية، هي من البلدان مرتاحة الضمير مع كلّ الشعوب، تؤكّدُ اليوم أنّ الظلم لا يدوم، وأنّ الإمعان في السياسات الاستعمارية الاستيطانية والتنكيل والاعتداء الممنهج إلى زوال لا محالة، وأنّ نيْل الاستقلال حقّ يُتوٍّجُ كلَّ نضال مشروع.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.