ردا على موافقة مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة الأربعاء 13 مارس 2024 على مشروع قانون يمنح شركة بايت دانس الصينية المالكة لتيك توك مهلة ستة أشهر لتصفية الأصول الأمريكية لتطبيق الفيديوهات القصيرة، أو مواجهة الحظر. قالت وزارة الخارجية الصينية الخميس 03/14 إنه إذا تم التذرع بما يطلق عليه الأمن القومي لإسقاط الميزة التنافسية لدول أخرى فإن هذا “ليس نزيها”.
يأتي ذلك بعدما عبر غير ما مرة أعضاء الكونغرس الأمريكي عن قلقهم إزاء الروابط بين “تيك توك” والسلطات الصينية، والخشية من خطر عمليات نقل كبيرة لبيانات المستخدمين الأمريكيين إلى الصين، رغم تأكيد التطبيق في مناسبات عدة أنه لم يتلق أي طلبات من السلطات الصينية بهذا الشأن، مؤكداً أنه سيرفض أي طلب مماثل في حال وجّه إليه.
في المقابل، لا يُعرف بعد مصير مشروع القانون في مجلس الشيوخ حيث تعارض شخصيات كبيرة اتخاذ مثل هذا الإجراء الجذري ضد تطبيق يحظى بشعبية كبيرة جدا مع نحو 170 مليون مشترك في الولايات المتحدة.
وفيما يقول مدافعون عن الخصوصية إن تيك توك “لا يجمع معلومات عن مستخدميه أكثر مما تقوم به التطبيقات الأخرى”، ويطالبون بـ “تمرير قانون جوهري لخصوصية البيانات في الولايات المتحدة”، تقول صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الحكومة الصينية تتمع بسيطرة كبيرة على الشركات التي تعمل في نطاق ولايتها القضائية، بما في ذلك القدرة على إجبارها على تسليم أي بيانات تتعلق بالأمن القومي. هذا الأمر وفق المصدر “قد يمكن الصين من استخدام تيك توك من أجل جمع معلومات استخباراتية”، على الرغم من عدم وجود دليل على استغلال بيانات مستخدمي التطبيق بهذه الطريقة.
ووفق معارضي تيك توك فإن الداعي لأخذ قضية الحظر على محمل الجد، لا يرتبط فقط بتأثير التطبيق بشكل عام على الشباب الأمريكيين، ولكن لأنه كما ذكرت صحيفة “تايم” يحرك “المشاعر السياسية، وخاصة في الجامعات”.
في هذا السياق، يكشف تقرير لمركز بيو للأبحاث، أن 32% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يستقون الأخبار بانتظام من تيك توك، ما يشكل ارتفاعا بنسبة 9% مقارنة بعام 2020، ويجعل التطبيق واحدا من أهم مصادر الأخبار للجيل.
ومن بين أهم ما سيتيحه الحظر، منح الرئيس الأمريكي جو بايدن سلطة إلزام بعض تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي المملوكة لأجانب، على الاختيار بين بيعها أو حظرها إذا رأت وكالات المخابرات الأمريكية أنها تمثل تهديدا.
يقول مؤيدو القانون ومسؤولو الأمن القومي، إن هذا سينطبق على الشركة الأم للتطبيق “بايت دانس” ومقرها الصين، لسببين، “الأول هو أن التطبيق يجمع بيانات عن مستخدميه الأمريكيين البالغ عددهم 170 مليونا، والثاني هو أنه يمكن استخدامه لتعزيز الدعاية الصينية”.
ما هو تطبيق تيك توك؟
تم إصدار تيك توك في سبتمبر 2016، وهو تطبيق وسائط اجتماعية شائع يسمح للمستخدمين بإنشاء ومشاهدة ومشاركة مقاطع فيديو مدتها 15 ثانية تم تصويرها على الأجهزة المحمولة أو كاميرات الويب. من خلال خلاصاته المخصصة لمقاطع الفيديو القصيرة الملتوية التي تم ضبطها على الموسيقى والمؤثرات الصوتية، يتميز التطبيق بجودته التي تسبب الإدمان ومستويات المشاركة العالية.
يمكن للمبدعين الهواة والمحترفين على حد سواء إضافة تأثيرات مثل المرشحات “فلتر” وموسيقى الخلفية والملصقات إلى مقاطع الفيديو الخاصة بهم، ويمكنهم التعاون في المحتوى وإنشاء مقاطع فيديو ثنائية مقسمة على الشاشة حتى لو كانوا في مواقع جغرافية مختلفة.
كان اسم التطبيق هو نفسه اسم الشركة التي طورته وهو “ميوزيكال إل واي” (Musical.ly) وتحول اسمه إلى تيك توك في عام 2018 عندما استحوذت عليه شركة “بايت دانس” الصينية. وبالتالي يعتبر تيك توك نسخة من منصة دويون (Douyin) الصينية. واكتسب الاسم شهرة وشعبية واسعة في كل بلدان العالم وبسرعة غير متوقعة.
اتهامات بالتجسس
إذا كانت تيك توك تقول إنها مستقلة عن بكين، “بدليل” أن رئيسها التنفيذي موجود في سنغافورة، ورئيس عملياتها في الولايات المتحدة، ورئيسها العالمي للثقة والأمان، في أيرلندا، كما قال رئيسها التنفيذي شو زي تشو، فإن كثيرا من المشرعين يخشون أن تقع المعلومات في أيدي المسؤولين الصينيين، خاصة وأن الحكومة الأمريكية سبق أن اتهمت شركة “بايت دانس” المالكة للمنصة بالتجسس على أسرار الدولة لصالح الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، وأن تيك توك أداة لجمع المعلومات حول المشتركين فيه.
يشكل ملف تيك توك فصلا جديدا من الحرب التكنولوجية بين بكين وواشنطن ، والتي كانت أولى شراراتها حرمان شركة “غوغل” الأمريكية، من أى دعم لشركة “هواوي” الصينية، الرائدة عالميا فى مجال صناعة الهواتف الذكية، الأمر الذي حرم مستخدمي هواتفها من خدمات غوغل مثل: “الجى ميل”، و”خرائط غوغل”، و”غوغل بلاي”، وغيرها. وبعدما اتهمتها بالتجسس لمصلحة الحكومة الصينية، أدرجت الحكومة الأمريكية شركة “هواوي” ضمن القائمة التجارية السوداء. وعلى إثرها، اقترح قانون “ردع الخصوم التكنولوجيين لأمريكا DATA”، ليستهدف تطبيق تيك توك وكل ما يرتبط بشركة “بايت دانس” الصينية المالكة له.
المصدر: مونتي كارلو الدولية
29