“سيرك ميسون”، عمل فني شخصياته متنوعة في هيئاتها وأبعادها ومتشابكة في علاقاتها بما يخدم الحبكة الدرامية، تدور أحداثه على إيقاع صاحب سيرك غاضب بسبب قلة مداخيل العروض فيقرر طرد حكيم السيرك وهو فنان متقدم في السن ومهرجين.
وهذا العمل من تقديم “جمعية مؤثرون” وتأليف الصحفي أنور حرزالي وسينوغرافيا الفنان وليد البريني وماكياج محمد صالح الدريدي ومدير الانتاج أيمن ڨيبان و إخراج سفيان همايسية بمساعدة حسام مباركي.
وفيما تعيش الحيوانات لحظات عصيبة بسبب الجوع و التعذيب وتحاول البحث عن حل ينقذها من الهلاك، يظهر الحمار الوحشي بثوب الحكيم المهووس بالمطالعة والبطريق غريبا أتى من القطب الشمالي لا يعلم شيئا عن حياة الغابة.
أما القط بري فانتهازي وخائن همه الوحيد ممارسة غريزة الصيد والببغاء ثرثار يتجسس وينقل الأخبار ليحذر أصدقاءه و الغوريلا حنون يحب ميسون ابنة صاحب السيرك اكثر من نفسه ويحاول رد جميل أمها التي أنقذته في طفولته وربته حتى صار وحشا قويا.
وحين يبلغ الببغاء ميسون أن والدها قرر بيع الحيوانات لعصابة تتاجر بالجلود والفراء، تتنامى الأحداث وتتسارع في اتجاه البحث عن حل لإنقاذ الحيوانات وإرجاعها إلى مواطنها الأصلية.
وعلى الركح تتراوح المشاهد بين أقفاص الحيوانات وغرفة ميسون ومكتب والدها صاحب السيرك والقرية والغابة وفضاء عرض السيرك ليتمكن الفنان وليد البريني من تشكيل لوحات سينوغرافية ذات إتقان وجمالية يشدان خيال الطفل.
وسينتهي العمل بعرض فرجوي ممتع يبدو أنه الحل الأنسب الذي استقر عليه مسار الحكاية حتى يعود للسيرك إشعاعه وللفنانين شغفهم الذي حجبته قسوة صاحب السيرك وانتهازيته.
وقد تمكن المخرج سفيان همايسية من خلق توليفة فرجوية ممتعة جمعت فنانين محترفين وآخرين من طلبة المعهد العالي للفن المسرحي وهواة أصحاب تجربة وآخرين يقدمون اول عمل لهم لتبسط المسرحية رسائل قيمة وواضحة للطفل وأخرى مبطّنة موجهة لكل الأعمار.
ومن بين القيم العمل الجماعي والتخطيط الاستراتيجي مقابل استحالة النجاح و الإبداع في جو تطغى عليه الأنانية والقسوة والتعالي لينطلق العمل بعرض سيرك فاشل و ينتهي بعرض رائع لم يتغير مقدموه وانما تغيرت الظروف والمعاملة، عرض اوّل يُقيّم بعدد التذاكر المقتطعة وعرض ثان قوامه المحبة والتعاون و التشجيع.
سيرك ميسون فسحة فنية تجسد الفرق بين المكر والطيبة إذ يندم الانتهازي صاحب السيرك والقط الخائن الذي باع باقي الحيوانات بقطعة لحم و يُكرّم فيه الغوريلا الذي ضحّى بحياته لإيجاد العشبة النادرة التي أعادت لميسون قدرتها على الحركة لينقذ بذلك كل الحيوانات وفناني السيرك.
وفي هذا العمل تثبت من خلاله “جمعية مؤثرون” في أولى انتاجاتها المسرحية جديتها في إبلاغ الرسائل الراقية في ثوب جميل من خلال العناية الفائقة بالملابس والديكور والأكسسوارات والمعدات التقنية.