تحتفل تونس سنويًا بالمولد النبوي الشريف، وتُعتبر عصيدة الزقوقو من أبرز الأطباق التي تميز هذه المناسبة. كانت عصيدة الزقوقو في بداية ظهورها أكلة تقليدية تُقدم في أطباق بسيطة، لكن بفضل سحر وسائل التواصل الاجتماعي مثل “إنستغرام” و”تيكتوك”، تحولت إلى تحفة فنية تتسابق الأيادي في تزيينها وإبداع أشكالها.
وتعود جذور عصيدة الزقوقو إلى فترة صعبة في تاريخ تونس، تحديدًا خلال ثورة علي بن غذاهم عام 1864، حيث ضرب الجفاف البلاد وتسبب في نقص حاد في الحبوب وظهور المجاعة. في تلك الظروف، لجأ التونسيون إلى استغلال المصادر الغذائية المتاحة، من بينها حبات الصنوبر الحلبي التي كانت تنمو في المناطق الجبلية.
يقول المؤرخ التونسي عبد الستار عمامو في تصريحات اعلامية إن استخدام “الزقوقو” ظهر في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، خلال سنوات الجفاف التي تلت ثورة علي بن غذاهم. ففي هذه الفترة، انتشرت المجاعة بسبب تراجع محاصيل الحبوب، واضطرت العديد من العائلات إلى الاعتماد على الزقوقو لتعويض النقص الحاد في الحبوب. نظرًا لنكهته الطيبة، أصبحت العصيدة تحظى بشعبية، وبدأ التونسيون يتفننون في إعدادها بإضافة الفواكه الجافة.
يشير عمامو إلى أن بعد انتهاء فترة الجفاف، ظل استخدام الزقوقو يذكّر بالمجاعة والفقر، وكانت العائلات الكبرى في العاصمة (المعروفة بالبلدية) تعتبره عيبًا. لكن مع مرور الوقت، تغيرت النظرة تجاه هذه الأكلة، وبدأت العائلات الثرية تتفنن في إعداد العصيدة، حيث أضافت إليها المكسرات والفواكه الجافة، وتحولت من مجرد غذاء إلى طبق شهي يقدم في المناسبات الخاصة.
يُذكر أن سعر “الزقوقو” هذه السنة قد تجاوز 50 دينارًا ليصل إلى 65 دينارًا، وهو ما يشكل تضاعفًا في سعره خلال سنة واحدة. كما تتراوح أسعار الفواكه الجافة بين 25 دينارًا و150 دينارًا.
وهذا الارتفاع الكبير في الأسعار يجعل عصيدة الزقوقو بالفعل تتحوّل من مائدة الفقراء إلى مائدة الملوك.