“شماريخ”، فيلم للمخرج المصري عمرو من بطولة آسر ياسين، وأمينة خليل، وآدم الشرقاوي، ومصطفى درويش، وسالي حماد، وعدد من ضيوف الشرف منهم محمد ثروت وهدى المفتي.
الفيلم الذي عرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ضمن قسم روائع عربية (دورة 2023)، يجعل من الشماريخ (الألعاب النارية) شخصية مستقلة بذاتها في الفيلم الذي تحيد فيه الفرقعات عن بعدها الفرائحي لتصبح نذيرا للموت.
في الواقع تحيل الشماريخ إذا ما أضاءت السماء وملأت الأثير بصخبها إلى الاحتفالات والمناسبات ولكنها في هذا العمل تحيل إلى المصائب وتنبئ بقدوم عزرائيل ليحمل في يديه الأرواح المرجوة.
وقبل الخوض أكثر في تفاصيل الفيلم لا بد من المرور على جينيريك البداية الذي جاء فيه إلى ذكرى الفنان مصطفى درويش نهدي هذا الفيلم”، على اعتبار أن الراحل غادر هذا العالم دون يرى الفيلم على الشاشة.
رغم حيز ظهوره الضيق إلا أن المشاهد التي ظهر فيها كانت فارقة في مسار الأحداث ومحددة لمآلات بطلي الفيلم “رؤوف” (آسر ياسين) و”أمينة” (أمينة خليل) وكاشفة لسر الصراع الطاحن بين “رؤوف” وشقيقه “فارس”.
و”رؤوف”، ابن خارج إطار الزواج لتاجر أسلحة يكلمه بجميع المهمات القذرة التي تصل حد الاغتيالات على أمل أن يتغير وضعه وينال اعترافا والده بنسبه غير أن القدر شاء عكس ذلك وذوت أمنيته حينما علا صوت الشماريخ.
على إيقاع الاكشن والمطاردات تتواتر مشاهد الفيلم وتتناثر المشاكل على طريق “رؤوف” الذي تحركت داخله بذرة طيبة زرعها فيه جده ودفع ثمنها بدلا عنه حينما دوى شمروخ في فمه ذات ليلة ظلماء اخترق الدخان عتمتها.
انطلاقا من بدايته العكسية التي تنهل من تفاصيل النهاية يلقي بك الفيلم في متاهة نفسية تتساءل معها عن سر الفرقعات وعن أثر الدخان على وجوه البطلين وتتسرب الأحداث تباعا وتتساقط الأقنعة دون عناء.
فذات فرقعات، يلتقي “رؤوف” محاميا وينتهي اللقاء بانتهاء حياته وسط هالة من الغموض وتأخذ ابنته مكانه على قائمة الاغتيال لكن الأمور تسير على عكس ما تشتهي الشماريخ التي ولدت على إيقاعها قصة حب تجمع كل المتناقضات.
المتناقضات نفسها التي تظهر في ثنايا كثيرة في الفيلم، فكل الشخصيات تقريبا متناقضة ومتضادة وتحمل في تفاصيلها المشاعر ونقيضها، ومعاملة الأب لأبنائه “رؤوف” و”فارس” متناقضة، وممارسات “رؤوف” على مع من حوله متناقضة وهو ما يسري أيضا على “أمينة”.
ولا يخلو الفيلم من حبكة درامية تشدك إليه وتقحمك في تفاصيل الشخصيات التي أداها الممثلون بإقناع دون مبالغة أو تكلف وهو ما يحيل إلى اختيار جيد للممثلين وإدارة جيدة لهم.
وفي ما يخص آسر ياسين وأمينة خليل فقد بدوَا منسجمين في أدائهما ومتماهيين في انفعالاتهما سواء في المواقف الدرامية أو الكوميدية التي تظهر في الفيلم في مواضع غير متوقعة وتلبي مهمة الإضحاك.
أما بالنسبة لآدم الشرقاوي فقد بدا هو الآخر متمكنا من مفاصل الشخصية التي أداها بوجه بريء وروح تقطر أنانية وشرا فلا روابط تعنيه أمام مصلحته وسلامته وأن اقتضى الأمر تدمير كل من حوله.
إلى جانب أداء الممثلين اللافت تظافرت عناصر أخرى على غرار المؤثرات البصرية والصوتية والموسيقى لصناعة فيلم أكشن ومطاردات بمسحة رومانسية والإحالة إلى جملة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية عموما.
ومن بين القضايا التي يطرحها الفيلم تجارة السلاح وتأثيراتها الكثيرة في المجتمع ، وعذابات الأولاد خارج إطار الزواج والصراع بين الإخوة وخيانات الأصدقاء والفساد في تجلياته وأبعاده المختلفة وغيرها…