مثلت الدورة الخامسة من مهرجان سينما للفنون (16 أكتوبر/ 20 أكتوبر ) فضاء للتفكير في فن الوثائقي على اعتبار ندرة الأفلام التونسية التي تتطرق إلى الفنون حسب قول المدير الفني للمهرجان طارق بن شعبان.
في سياق متصل أشار بن شعبان إلى التفكير في تنظيم ورشة لكتابة السيناريو لأفلام تحكي الفن التونسي خلال الدورة القادمة من المهرجان.
وكان مهرجان سينما للفنون فرصة للحديث عن لقاء بأربع ساعات سجلته مجموعة من طلبة معهد الصحافة وعلوم الإخبار منذ سنوات مع الرسام الراحل عبد العزيز القرجي.
ولفت طارق بن شعبان إلى أن هذه الساعات الأربعة تعد مادة فنية تنتظر التركيب والاخراج لتصبح وثيقة سينمائية شاهدة عن فنان له مكان ومكانة في الفن التشكيلي.
وهذه الإشارة تمثل انطلاقة للتفكير في التوثيق لمسيرة فنانين في تونس غبر السينما خاصة وأن هذه التجارب قليلة في تونس رغم أهميتها في حفظ الذاكرة الوطنية.
ولعل “الماستر كلاس” بعنوان” فن الوثائقي” الذي انتظم خلال الدورة الخامسة لمهرجان سينما للفنون لبنة في هذا الإطار لما تتبحه تجربة المشرف عليه جان ميشال جيان من إلهام.
وجان ميشال جيان مخرج أفلام وثائقية، يرسم من خلال اعماله بورتريهات مثل: آرثر رامبو، شاعر؛ إدغار موران عالم اجتماع وفيلسوف فرانسوا هولاند، رئيس الجمهورية الفرنسية سابقا.
وهو حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية وأستاذ مشارك في جامعة باريس الثامنة، ومبادر بإطلاق “دبلوم الدراسات العليا في إدارة الثقافة الأوروبية” ودبلوم التعاون الفني الدولي”.
وعرض جيان فيلمه “إدغار موران، يوميات حياة”، أمام الطلبة الذين تشاركوا معه تجربته والتعلم منه ومحاولة اكتساب مهاراته في الكتابة، من اجل تطوير مشاريعهم الخاصة، وذلك بأسلوب سينمائي مميز ينفرد به ويعرف كيف ينقله للآخرين.
يشار إلى أن مهرجان سينما للفنون الذي يكتسي أكثر من خصوصية يقوم على فكرة كون السينما نافذة على فنون أخرى وبداية إلى ثقافات مختلفة تلتقي جميعها عند الإنسانية والحرية وما بينهما من اختلافات مثرية.
فهذا المهرجان ينطلق من من الأفلام السينمائية ليحمل الجمهور إلى عوالم ملؤها الرسم والرقص والمسرح والتراث وغيرها من الفنون من خلال أفلام تحرص الهيئة المديرة على اختيارها بعناية لتراوح بين الأساليب الفنية المختلفة والمواضيع المتنوعة.
ولعل الدورات القادمة من المهرجان تؤسس لنواة لصناعة الأفلام الوثائقية التي تعنى أكثر بالفن والفنانين وتغوص في مجالات فنية مختلفة توثق لمراحل متعددة وتحفظ الذاكرة من النسيان.
والمتابع لبرمجة الأفلام في الدورة الخامسة للمهرجان سيلاحظ حتما اقتصار الحضور التونسي على فيلمين هما “L’homme abstrait “ لرامي الجربوعي وهو يروي مسيرة الرسام التونسي الراحل الهادي التركي و” الرجل الذي أصبح متحفا” لمروان الطرابلسي وهو يحكي العالم الاستثنائي للفنان علي عيسى.
وانسجاما مع فلسفة المهرجان اختارت للهيئة المديرة فيلم “ مسيو أزنافور” في الافتتاح و فيلم “سيزاريا ايفورا، الديفا ذات القدمين الحافيين” في الاختتام وبينهما أفلام عن الموسيقى والطبخ والرسم وغيرها من المجالات الفنية والإبداعية.