“فييا باغرادا” مشروع آخر يطلقه “مزيوم لاب” بعد “كيف الكاف”، ويواصل فيه رسم مسالك فنية وثقافية وسياحية تستكشف منطقة الشمال الغربي المفعمة بالتاريخ.
وعلى امتداد السبل المتاخمة لوادي مجردة يتشكل موسم الهجرة إلى الشمال، اقتباسا عن عنوان رواية الطيب صالح بكل ما تحمله من انغماس في الذات والهوية.
من العاصمة تونس كانت انطلاقة الحافلة التي تقل عددا من الصحفيات والصحفيين المولعين باقتفاء أثر التاريخ نحو رحلة في الزمان والمكان التقت فيها حضارات وثقافات وأديان ومجالات مختلفة.
على إيقاع الرحلة تحولت الحافلة إلى فضاء للغوص في التاريخ الذي خط حكاياته على كل شبر من تونس بما فيها منطقة الشمال الغربي التي كانت مهدا لتعاقب الحضارات، عبر حديث كل من المرشد المحاضر محمد حلواني ومؤسس “مزيوم لاب” حاتم دريسي.
من كنيسة القديسة فيليسيت والقديسة بيربيتو في طبربة، إلى البطان حيث قنطرة أدريان فسد سيدي سالم وثم تستور، مسار مطرز بالقصص والحكايات التي تبرهن على ثراء منطقة الشمال الغربي تاريخيا وطبيعيا وإنسانيا.
لمحة أولى عن موسم الهجرة إلى الشمال “فييا بغرادا”، التظاهرة التي تنتظم يومي 9 و10نوفمبر الحالي بتستور وتبرسق، على نسق برنامج الشباب من رواد الأعمال في قطاع السياحة الثقافية من خلال مشاريع متنوعة تشمل سياحة الزيتون، سياحة الدراجات، وتجارب زيارات متنوعة.
آفاق سياحية جديدة يقترحها “موسم الهجرة إلى الشمال ” تُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي مع الحفاظ على التراث والترويج له ضمن إطار ديناميكي يهدف إلى إبراز المدن المحيطة بوادي مجردة.
مبادرة أخرى لجمعية “ميوزيم لاب” تقوم على التعاون وإشراك الشباب من مختلف الخلفيات والمجالات في تنمية قطاع التراث في تونس واستثماره اقتصاديا واجتماعيا.
من خلال مشاريع ابتكارية تهدف إلى تثمين التراث، تسعى ميوزيم لاب إلى تحويل هذا التراث إلى مصدر للعمل والتنمية، عبر أساليب جديدة تتسم بالإبداع والشمولية وتبسّط العلاقة بين التراث والتنمية الاقتصادية التي اكتست صورة نمطية تتسم بالتعقيد.
بدعم من مؤسسة Drosos والعديد من التمويلات الأوروبية مثل برنامج مغرومين وصندوق دعم المجتمع المدني من الاتحاد الأوروبي، يأتي مشروع فيا باغرادا بمثابة أوج فلسفة “مزيوم لاب” التي تضع هذا المشاركة التعاونية بين الشباب، الهواة، والمحترفين في صميم أهدافها.
جمع من الهواة والشباب المحترفين والجمعيات، الشغوفين جميعًا بالسياحة الثقافية. التقوا في ورشات تدريبية انتظمت من جانفي إلى أكتوبر 2024، تبادل فيها المشاركون الأفكار حول إمكانات المناطق المستهدفة.
هذه الورشات كانت فضاء لإعادة التفكير في السياحة وتطوير تجارب إبداعية وأصيلة يمكن تسويقها، مما يغير صورة المنطقة بشكل إيجابي من خلال الترويج لها على المستويين الوطني والدولي، مع إلقاء الضوء على هوية مشتركة وثقافة أصيلة.
مسارات سياحية غامرة في الشمال الغربي انبثقت عن تعاون المشاركين مع السكان والجهات المحلية، تفضي إلى تجربة فريدة للزوار تغميهم في الحياة اليومية للمجتمعات المحلية، وتعمل في الوقت ذاته على تعزيز مهارات وقدرات هذه المجتمعات المبدعة.
وتظاهرة “فيا باغرادا” تهدف إلى تحويل الشمال الغربي التونسي إلى وجهة ثقافية وسياحية رائدة، مع الحفاظ على الهوية المحلية والنسيج الحرفي للمجتمعات.
في سياق هذه التجربة صممت جمعية ميزيوم لاب تطبيق فيا باغرادا لسبر أغوار الشمال الغربي، عبر رحلة إلى مواقع أثرية غير مكتشفة من خلال تقديم الجوانب الخفية لهذه الوجهة السياحية.
ويوفر التطبيق معلومات حول المعالم السياحية، والإقامة، والمطاعم، إضافة إلى أفكار للنزهات والتسوق، وتحديثا لبرنامج الفعاليات السياحية والثقافية بشكل يوميّ، مما يتيح الاطلاع على التظاهرات في الوقت المناسب.
ولأن اهتمام الجمهور بأماكن الزيارة يعتمد بشكل كبير على جودة الاستقبال فإن “موزيوم لاب” يولي اهتماما لتدريب وسطاء ثقافيين لضمان تجربة متميزة للزوار.
يشار إلى أن تنفيذ برنامج “فيــا باغرادا” تم بالشراكة مع مجموعة واسعة من المؤسسات المحلية والدولية من بينها المندوبية الجهوية للسياحة، والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية، وولاية باجة، وبلديات تستور وتبورسق، وجمعية “فيا أوغستينا”، وجمعية “تراث تستور”، و”Leaders” وبرنامج “UE 4 Youth (مغروم إين)”، ومشروع “تونس وجهتنا”.