القاهرة/ رياليتي أون لاين-على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لن تشدك تصميمات الفساتين وألوانها اللامتناهية ولا البدلات وأربطة العنق ولكنك ستلاحق كل التفاصيل التي تشير إلى فلسطين من كوفيات وتطريز وصولا إلى الخريطة التي زينت أزياء ضيوف المهرجان.
خريطة فلسطين من النهر إلى البحر على شاكلة مشبك أهداها المهرجان لضيوفه في افتتاح الدورة الخامسة والأربعين من المهرجان الذي يمتد من 13 إلى 22 نوفمبر وسط مشهدية إقليمية متوترة إثر ما تعيشه فلسطين ولبنان من تراجيديا.
هذه المشهدية المضرجة بدماء الشهداء وركام المنازل المحملة بالاحلام لا تنكسر إلا على أعتاب الفن الذي يستوعبها بكل تفاصيلها ويتشربها ليعيد صياغتها على شاكلة قصص تقطع طريق النسيان إلى ذاكراتنا.
وبعد دورة مؤجلة في السنة الماضية تضامنا مع فلسطين وشعبها في مواجهة الآلة الصهيونية الوحشية، تأتي هذه الدورة لتنغمس في قلب القصص الفلسطينية عبر مسابقات خاصة بأفلام “من المسافة الصفر” وبأفلام غزة، وأفلام أخرى لم يشاهدها الجمهور.
ومن عمق التراث الفلسطيني استوحى الافتتاح تفاصيله من خلال عرض كوريغرافي قائم على رقصة الدبكة أداها راقدين وراقصات من فرقة فنون الوطن وجميعهم من غزة التي قاومت وتقاوم العدوان الغاشم.
على إيقاع الدبكة سرت الحماسة في مسرح الأوبرا حيث تحلت الشاشة بالكوفية الفلسطينية وخطفت تفاصيل الأثواب الفلسطينية الأنظار وعلت أغنية “فلسطيني” وعاضدها تصفيق الحضور قبل أن تنحسر الأضواء وتسع من جديد ورئيس المهرجان حسين يتوسط المجموعة الكوريغرافية.
“على مدار سنين كانت ومازالت القضية الفلسطينية هي قضية مصر لأنها تمثل العدل والكرامة ومن مكاني هنا أعرب عن تضامني مع أشقائنا في فلسطين وغزة” كلمات قالها الفنان حسين فهمي في كلمته الافتتاحية.
“ولن ننسى إخواننا في لبنان البلد التي تعاني سنوات، وهي في اختبار صعب نتضامن مع شعبها”، أضاف فهمي وهو يتحدث عن المشهدية الإقليمية في ظل الحرب التي مازالت تحصد أرواح الفلسطينيين واللبنانيين.
ومن جهته تحدث وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو عن رمزية مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وريادة مصر في السينما قائلا “مصر حاضنة للمواهب وهنا نحكي حكاياتنا ونستمع لصوت الإنسان عبر إبداعات فنية من مختلف أنحاء العالم”
وفي كلمته عرج الوزير على كل الرؤساء الذين مروا بالمهرجان منذ نشأته وترك كل منهم بصمته، مضيفا “سنجعل من هذه الدورة فصلا جديد للتجدد للمهرجان الأعرق “القاهرة السينمائي”.
ولم يخلُ الافتتاح من لحظات مؤثرة يمكن التقاطها بالإمكان في نبرة صوت الفنان حسين فهمي وهو بتحدث عن الأوقات الصعبة والحين والأزمات التي يكون فيها الفن دائما حاضرا، قائلا “السينما تلخص بكل صدق المشاعر الإنسانية.. يتواصل صناعة الفن والقصص”.
“الفن يروي قصصا عن أشخاص حلموا وقاموا وفي رحلة الفن نفتقد بعض الأشخاص ولكنهم حاضرون رغم الفقد بأرواحهم وأعمالهم.. رغم الحزن لا بد للمسيرة أن تستمر” قال حسين فهمي قبل أن تظهر على الشاشة صور وأسماء أشخاص خطوا بصمتهم في السينما تمثيلا وإخراج وكتابة.
أشرف عبد الغفور، ناهد فريد شوقي، صلاح السعدني، عصام الشماع، عاطف بشاي، حسن يوسف، ومصطفى فهمي آخر الراحلين قبل أيام، أسماء رحلت بأجسادها ولكنها تركت إرثا في الفن وطبعت وجودها بشكل وبآخر في أذهان جمهور واسع.
وفي رحاب الزمن الجميل أوغل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بعرض أفلام تم ترميمها من كلاسيكيات السينما المصرية من بينها “قصر الشوق” و”بين القصرين” و”السمان والخريف” و”الحرام” و”شىء من الخوف” وغيرها.
وعن ترميم الأفلام، قال الفنان حسين فهمي إن السينما المصرية سينما عريقة وإن مبادرات ترميم الافلام من خلال مركز الترميم تهدف إلى تحسين جودة الأفلام والحفاظ على التراث السينمائي والتاريخ الفني.
وقبل فيلم الافتتاح “أحلام عابرة” للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي يروي الوضع في فلسطين من زوايا طريفة ومختلفة وينغمس في قلب الوجع دون أن يصور لنا القصف والركام والدمار، كانت فقرة التكريمات.
من المخرج والمنتج البوسني دانيس تانوفيتش إلى المخرج المصري يسري نصر الله فالممثل المصري أحمد عز ارتسمت مسيرات مختلفة لأشخاص اختاروا الفن طريقا وتراءت قصص مختلفة لأناس يهوون السينما.