رياليتي أون لاين/جدة_“أنا منشغل دائما بالمجتمع الجزائري رغم بعدي عن الجزائر وأبحث دائما عن قصص أرويها من وجهة نظري” يقول المخرج الجزائري مرواق علواش في حديثه لرياليتي أون لاين على هامش عرض فيلمه الروائي الطويل “الصف الأول” في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
من فيلمه الطويل الأول “عمر قتلاتو الرجلة” إلى “الصف الاول” يروي علواش حكايات من الجزائر ويسخر من كل شيء بنفس كوميدي يرسم من خلاله معالم المجتمع الذي يلاحق تفاصيله من زوايا مختلفة.
وفي هذا السياق يشير ألى أنه يستلهم أفكار أفلامه دائما من المجتمع الجزائري من تجاربه ومما يكتب ويُروى ويصل إلى مسامعه وحديث وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة وهو الحال في فيلمه الروائي “الصف الأول” الذي عرض ضمن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الرابعة.
“الصف الأول”، يرسم كوميديا درامية موغلة في التفاصيل الاجتماعية اليومية وتحديات اليومي بلغة سينمائية نراوخ بين التصريح والتلميح والنقد والسخرية بنسق بسيط وسلس.
في مستواها الأول تبدو المواقف الكوميدية خفيفة لكنها مثقلة بتحليل سياقات المجتمع الجزائري عبر أسرتي جزائريتين تتجاذبهما التناقضات والثنائيات التي تتجلى فيه أحداث يحتملها الواقع.
ضحكات، تذمر، خيانة، وعنف يظهر في تفاصيل الفيلم ويتلاشى عند لمسة يد وقبلة عابرة في دراما كوميدية تتشكل أحداث من تنافس عائلات على الصف الأول في مواجهة البحر وما يتخلله من مواقف ومفارقات وصدام.
قصص الحب اليافعة التي يضع الكبار نهايتها، الهجرة، الفوارق الاجتماعية، الخيانة الزوجية، تفاصيل ينسج منها مرزاق علواش حكاياته دون أن يشوه براءة الأطفال وعفويتهم التي كانت بوصلة طيلة الفيلم.
هذه العلاقات لم تهزها المشاجرات بل اتخذت هحيزا أكثر من الحرية حينما غاب عنها الكبار وهو ما يطرح الفوارق بين الأجيال والمفارقات التي ترتسم عند محاولة تجاوزها.
شخصيات مرزاق علواش الحالية رغم الواقع المليء بتمظهرات العنف والزيف تقمصها ممثلون اختارهم من ثلاثة أجيال مختلفة وأعطى مساحة لعب واسعة للشباب الذين يعمل معهم وفق علاقة خاصة، على حد تعبيره.
هذه الشخصيات تتحرك على أرضية دقيقة من التفاصيل التي تستحضر الذكورية والنظرة الدونية للمرأة وغيرها من الآفات المجتمعية عبر كتابة تحتمل أكثر من تأويل.
الفيلم الذي يخط فيه مرزوق علواش قراءة أخرى للمجتمع الجزائري مطرزة بالنقد والسخرية في محاولاته المستمرة لاستكشافه والنظر إليه من زوايا غير معقدة بآليات سينمائية تستنطق المكان والزمان والشخوص.
الواقعية الجزائرية تتجلى مرة أخرى في “الصف الأول” دون رسائل سياسية أو محاكمات اجتماعية من خلال شخصيات تتحرر شيئا فشيئا على إيقاع المشاحنات وتتجاوز القيود التي أوثقتها حول رقابها.
في مواقع تصوير غير متعددة يفتح الفيلم سبلا مختلفة تمضي إلى مواضيع وقصص من المجتمع الجزائري وتنسحب أيضا على المجتمعات العربية في بعض حيثياتها بلغة سينمائية تلتقي مع البحر الذي تذوي فيه الخلافات والاختلافات.
يستأثر البحر بكل ما يحمله من دلالات بالنصيب الأكبر من فضاءات التصوير حيث يتيح ديكورات حقيقية وبسيطة ابنة الواقع الذي يدور فيه الفيلم يشخص وينقده.
وفي هذا الصدد يشير المخرج مرزاق علواش إلى أن أعماله تشخيص لحالات ووضعيات من المجتمع التونسي ولا تقدم رسائل بل تروي الحكايات كما تمثلها وتخيلها.
هذا التوجه جعل من مرزاق علواش مخرجا رائدا في الواقعية الجديدة، الواقعية الجزائرية التي نسج منها أفلاما التحم فيها مع مجتمعه وصاغه كما يراه من زاويته البعيدة القريبة.
من “عمر قتلاتو الرجلة” إلى “الصف الأول” يرسم مسارات مخالفة لمسيرته التي تجول في ثنايا الجزائر جولات تفتفي أثر التعقيدات والجماليات وتروي الجزائر كما يراها
الفيلم الأول يحكي قصة شاب جزائري يعيش الضيق في منزل مزدحم بإخوته والرتابة في الشارع والعمل فيهرب إلى صوت فتاة سمعه مرة ومن هذا الملاذ تشكلت ملامح رحلة في تفاصيل المجتمع الجزائري في عيني علواش.
أما الفيلم الجديد فيتخذ من البحر منفذا إلى حكاية عائلة تعتقد أن الصف الأول في البحر لمن سبق ولكن يتضح فيما بعد أنه لمن كان من طبقة مجتمعية أغنية قبل أن يلتقي الجميع على ركام صراع طاحن.
فيلم "الصف الأول" إخراج : مرزاق علواش سيناريو : مرزاق علواش منتج : بهية علواش، مرزاق علواش، أمينة سالم كاستينغ تمثيل : نبيل عصلي، فتيحة أو وارد هناء منصور، إيدير بينايبوش، هشام بن مصباح، بشرى روي، قادر أفاك