في فيلم “صيفي” يلتقط المخرج وائل منصور لحظة زمنية فاصلة في انتقال المجتمع السعودي نحو الحداثة وما شابه من صراعات، وذلك عبر استحضار شريط الكاسيت بكل تمثلاته المجتمعية.
وشريط الكاسيت محرك يدفع الأحداث آلى الأمام بعيدا عن التلذذ بالنوستالجيا ولكن لحظة فاصلة في التحول المجتمعي، وفق قول المخرج وائل منصور الذي سعى إلى تقديم مشاهد واقعية تجسد فترة نهاية التسعينات.
الصورة في الفيلم انسابت بواقعية وسردت الأحداث وفق خط بسيط تجنب الافتعال والمبالغة واعتنى بتفاصيل الأزياء والديكور والموسيقى دون أن يحشر نفسه في زاوية التأريخ.
عن هذا الاختيار، قال المخرج وائل منصور الذي يروي على طريقته التحولات الجذرية التي عرفها المجتمع السعودي إنه رسم عالما بصريا يضمن من خلاله انغماس المشاهد في الحقبة الزمنية دون قيد التواريخ.
في نهاية التسعينات حيث يحملنا المخرج يعيش الرجل الأربعيني صيفي( محمد أسامة القس) وهم الثراء السريع مترجم بين فرقته الشعبية التي يجتمع فيها وصديقه زرياب أبو الحسن (براء عالم) لإحياء الأفراح الجماعية ومتجره “شريط الكون” حيث يعرض للبيع أشرطة كاسيت متنوعة، وخاصة الأشرطة
ذات الطابع الديني والخطب الإسلامية الممنوعة التي يوفرها له المهدي (حسام الحارثي) المستشار الديني لرجل الأعمال وصاحب الأعمال الخيرية الشيخ أسعد أمان (أحمد يماني).
خيط من المفارقات يسير عليه الفيلم الذي قال صاحبه إنه يسعى من خلال رحلة “صيفي” إلى ملامسة قدر أوسع من الجمهور بعيدا عن التضاد الموهوم بين الفني والجماهيري وشد٧ المحاولات العبثية للثراء فيما ينغمس عميقا في تركيبته المعقدة.
الشخصية الساذجة ظاهرا تطرح صراعات داخلية عمقتها الخيبات في علاقاته بمن حوله بدءا بطليقته “رابعة “(عايشة كاي) وصولا لبقية الحاضرين في يومه وهو ما يفسر رغبته في الانتقال من وضعية إل وضعية أخرى بسرعة غير منطقية.
وفي ما يخص تعقيدات الشخصيات، قال وائل منصور ركز على أداء الممثلين كونه مفصليا في الرؤية الفنية من خلال المزج بين الواقعية وتكثيف التعاطف معها بعيدا عن الأحكام والتصنيفات.
كما أضاف ” الواقعية أيضا صبغت كافة التفاصيل الدرامية للفيلم، وأثرت على الكوميديا وصبغتها باللون الأسود الساخر الذي يقوم على عبثية الموقف، فيترك المشاهد حائرا بين الجد والهزل”.
بين العبث والسذاجة التي ينهمر معها ضحك بحاكي البكاء تتواتر الأحداث حتى عصور “صيفي” على تسجيل قادر على تدمير مكانة اجتماعية لرجل مهم وتتشكل مغامرة خطيرة يمارس فيها الابتزاز.
بينما تتخذ الأحداث منحى تشويقيا على وقع هروله واختبائه أدى طليقته واختها “رابية” (نور الخضراء) تتبدى مسارات أخرى للسرد تتخذ ملامحها عوالم جلسات تطوير الذات والاستشفاء بالطاقة.
تتمايل العلاقات على وقع الاضطراب والتوتر وتتفاقم الأزمات في وجه الجميع وترسم ملامح الصراع الاجتماعي في رحلة الانتقال إلى الحداثة التي يتخذها فيلم “صيفي” ثيمة” ليتماهى الذاتي والموضوعي على إيقاع صياغة سينمائية للماضي.
وفيلم “صيفي” هو الفيلم الرواني الطويل الثاني للمخرج وائل أبو منصور بعد فيلم “مدينة الملاهي” والفيلم الوثائقي “مزمرجي”، وفيه يواصل تشكيل نهج سينمائي خاص به.