لم تمض أيام قليلة على ترأّس وزير النقل رشيد عامري جلسة عمل مع فنيّي الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، مسديا خلالها تعليماته بتقديم خطّة إنقاذ عاجلة في أجل أقصاه 16 جانفي 2025 تهدف الى تقديم حلول عملية لتحسين جاهزية الأسطول المتعلق بالخطوط البعيدة خصوصا، وهو خبر أسعد حرفاء الشركة كثيرا بعد مدة طويلة من المعاناة بسبب الإلغاء المتكرر للرحلات، حتى فوجئ هؤلاء الحرفاء صباح هذا اليوم الذي يحتفل فيه التونسيون بذكرى ثورة 14 جانفي 2011، ولليوم الثاني على التوالي بإلغاء رحلة سوسة تونس الصباحية 5/12/52 (ينطلق القطار من محطة سوسة الخامسة صباحا)، وهي رحلة تؤمن تنقل العشرات من الموظفين واطارات الدولة الى العاصمة فضلا عن المسافرين العاديين الذين وجدوا أنفسهم في وضعية لا يحسدون عليها.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد انقابت هذه المفاجأة الى صدمة ثمة الى خيبة أمل بعد عدم الاكتفاء بالغاء رحلة سوسة-تونس بل وكذلك رحلة قابس-تونس 5/90 ( ينطلق القطار من محطة قابس على الساعة منتصف الليل وخمس دقائق) حيث تعتبر هذه الرحلة الملاذ الأخير لمن حُرِم من استعمال قطار سوسة ذلك أن توقيت وصوله الى العاصمة (في الوقت المعلن عنه من قبل الشركة) مناسبا لالتحاق الجميع بأماكن عملهم أو لقضاء مصالحهم وبسبب الالغاء المتواصل منذ بداية السنة لقطار المهدية-تونس 22-5/64 (ينطلق القطار من محطة المهدية الخامسة وأربعين دقيقة صباحا).
المعاناة تتواصل
ورغم أن مسافري هذا الخط قد قاموا سابقا وفي أكثر من مناسبة بوقفات احتجاجية بمحطة القلعة الكبرى (المحطة التي يقبل عليها عدد كبير من المسافرين من مدن مجاورة كأكودة وحمام سوسة وكندار وخزامة) من أجل لفت انتباه مصالح الشركة حول تردي الخدمات على الخطوط البعيدة واحتجاجا على الغاء خط سوسة-تونس، ورغم أن الشركة كانت تتجاوب بسرعة الا أن الأمر هذه المرة قد تجاوز كل الحدود وفاق كل التوقعات حيث نادرا ما تم (في الحالات العادية) الغاء ثلاث رحلات متتالية (قابس وسوسة والمهدية) على الخط نفسه وخصوصا رحلة قابس-تونس التي تعتبر «رحلة مقدسة» على حد قول أحد المسؤولين السابقين عندما تم الاتصال به على خلفية مطالبة بعض المشتركين بتغيير أوقات بعض الرحلات.
كما أن هتين الرحلتين اللتين تم الغاؤهما دون سابق إعلام، تؤمنان تنقل المئات من المواطنين في الوطن القبلي والساحل والجنوب. والحال أن الغاءهما (رغم وجود قطار قادم من صفاقس في اتجاه تونس سجل اليوم أيضا تأخيرا يفوق الساعتين وربع) قد تسبب في الحاق أضرار جسيمة بحرفاء الشركة التي لم تكلف نفسها عناء الاعتذار لهؤلاء الحرفاء الذين بقوا رهينة استعمال القطار في غياب بدائل أخرى خصوصا أن الشركة الجهوية للنقل بين المدن لا تؤمن خطا مباشرا من سوسة الى تونس كما أن اسعار التنقل على سيارات الاجرة مكلفة دون الحديث عن صعوبة توفرها خصوصا صباحا. وهو ما يدعو وزارة الاشراف الى التفكير جديا في ايجاد حلول عملية وبديلة في انتظار الاصلاح الهيكلي للشركة التي تواجه صعوبات مادية كبيرة رغم تدخل أعلى هرم في السلطة ومطالبته في أكثر من مناسبة الى انقاذ هذا الصرح الاقتصادي الوطني والذي يعتبر أحد أهم رموز السيادة الوطنية.
وضعية حرجة
وفي اتصال مع الناطق الرسمي للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، حسان ميعادي، أكّد أنّ هذا الإجراء «يعود أساسا الى النقص الكبير في المعدات وفي جاهزيّة الأسطول التي لا تتعدى 30 %،هذا فضلا عن الإشكال المتعلّق بعمليّة التزوّد بقطع الغيار».
وأشار ميعادي في تصريح لرياليتي اونلاين بالعربية الى أنّه «تمّ تركيز خليّة أزمة داخل الشركة من أجل إيجاد حلول عمليّة وسريعة للخروج من هذه الوضعية الحرجة» مشيرا في السياق ذاته الى أنه «يتمّ حاليّا، التنسيق مع وزارة الإشراف ومع مصالح رئاسة الحكومة، للتوصل إلى حل سريع في علاقة بجاهزية الأسطول القابل للاستغلال».