لا صراخ، لا مداهمات، لا عنف، طرقات هادئة على الباب، وبعض كلمات مقتضبة، وقرار مصيري خلف وجعا في عائلة الإمام محجوب المحجوبي، زوجته وأبنائه الذي ظلوا في فرنسا فيما اقتاد الأمن الإمام محجوب المحجوبي إلى الطريق نحو ترحيله إلى تونس..
يوم 22 فيفري 2024، طوى الإمام صفحة طويلة من حياته في فرنسا ولم يقصم ظهره سوى مشهد سحبه من قبل الأمنيين وأطفاله متشبثون به فيما زوجته تذرف الدموع، وفق حديثه في برنامج “وحش الشاشة” مع سمير الوافي على قناة الحوار التونسي.
أربعة أيام وثماني ساعات هي المدة الزمنية التي تقرر فيها ترحيله من فرنسا في يوم عادي كان يترشف فيه القهوة ويقرأ الجريدة ولكنه لم يندد ولم يبرر وامتثل للقرار المتوقع وفق قوله.
بتأثر ترجمته عبراته تحدث عن تفاصيل الترحيل وكان حضور أطفاله النقطة الأصعب، أما إجراءات الترحيل فلم تكن صارمة حسب وصفه إذ تمت في سلاسة بحضور حوالي خمسة أعوان بزي مدني، وموظفين من الولاية.
“الأعوان استأذنوا قبل الدخول ولم يقيدوني وطلبوا من زوجتي أن تجهز حقيبتي وأدويتي على اعتبار أنني مريض سكري” يواصل الإمام الحديث عن يوم فارق في حياته.
وإن لم يقدم الحاضرون في عملية الترحيل أية تفسيرات إلا أن المحجوبي كان يعلم أنه يدفع ثمن حديثه عن القضية الفلسطينية إذ يقول “كنت الوحيد في الجنوب الفرنسي الذي تكلم عن فلسطين”.
وفي الوقت الذي ركن فيه البعض إلى الصمت لم يهادن ولم يساير بل صدح بمساندته للقضية الفلسطينية واستظهر في إحدى المرات ببطاقة الإقامة وقال “إن كانت هي الثمن فخذوها”.
كل ما طلبه المحجوبي، وفق قوله، هو التسريع في الإجراءات لمغادرة المنزل حيث كانت سيارتان تنتظره في الخارج لترافقه إلى مطار الولاية حيث أقلته طائرة خاصة إلى مطار أورلي.
في مطار أورلي صارت حقيقة الترحيل أكثر وضوح وللمرة الأولى يخبره أعوان الثكنة التي يقبع بها إنه سيتم في نفس اليوم إرجاعه إلى تونس.
ورغم اللحظات العصيبة التي عاشها في علاقة بفراق عائلته، قال إنه لو عاد به الزمن وأتيحت له فرصة العودة إلى فرنسا مرة أخرى ومازال الصهاينة ينكلون بالفلسطينيين سيعيد الكرة، وفق تعبيره.
يشار إلى أن مجلس الدولة الفرنسي قد أيد قرار ترحيل الإمام التونسي محجوب المحجوبي، معتبرا أن بعض خطبه تحرض على التمييز ضد المرأة واليهود.
وجاء في الحكم أن “بعض التصريحات التي أدلى بها الشخص المعني علنا، في سياق الخطب التي كان لها جمهور معين، يمكن اعتبارها بمثابة أعمال تحريض صريحة ومتعمدة على التمييز ضد المرأة”.
وأشار مجلس الدولة أيضا إلى “أعمال تحريض على الكراهية أو العنف ضد مجموعات من الناس” وخصوصا “في السياق الدولي الحالي، الى تعليقات متعلقة باليهود” وكذلك “تصريحات تنتقد المجتمع الفرنسي وتروج للجهاد”.
وقد تم إيقاف الإمام المقيم في غارد بجنوب فرنسا، ثم تم ترحيله في 22 فبراير الماضي إلى تونس. وقد صادقت المحكمة الإدارية على الترحيل في 4 مارس.
واعتبر مجلس الدولة أن المحجوبي المتزوج من تونسية مقيمة بفرنسا له منها ستة أطفال، “لا يخلو من أي روابط بتونس”، ما يعني أن ترحيله لا يتنافى مع احترام حياته العائلية.