بمسيرة من شارع الحبيب بورقيبة نحو ساحة حقوق الانسان تشكلت ملامح المؤتمر الثاني لحراك أصوات عاملات الفلاحة تحت شعار: “الاعتراف بمهنة عاملة في القطاع الفلاحي”.
في هذا التحرك تزين الشارع بأوشحة الفلاحات وتبدت من بينها الكوفية في مشهدية زاخرة بالرسائل والمعاني تعززت بأصوات الفلاحات المطالبات بحقهن في الاعتراف.
وفي ساحة حقوق الإنسان تجلت تراجيديا العاملات الفلاحية وتواترت صور حوادث شاحنات الموت، وتبعثرت الحقوق على قارعة الأكفان الملقاة على الثرى مستحضرة شهيدات “الكميونة”.
“فقرتونا جوعتونا للجبانة هزيتونا” مفردات بسيطة اختزلت بها العاملات الفلاحيات القادمات من جهات مختلفة التراجيديا المستمرة وهزّت الواقع الثابت على التهميش والتفقير.
“فلاحة الألم التراب مخلط بالدم” كلمات خطت باللون الأسود على لافتة حمراء تتهافت معها دماء العاملات الفلاحية التي خضبت الأرض سواء حينما سألت من أناملهن ساعات الجني والقطاف أو ساعات الحوادث.
كل اللافتات بصيغها المختلفة وتفاصيلها الملتحمة بالمعاناة والإصرار والتحدي كانت جزءا من سيرورة إعلاء صوت العاملات الفلاحيات ولإلقاء الضوء على أوضاعهن.
في مسيرة دوى صداها طالبت العاملات الدولة بالاعتراف بمهنة “عاملة فلاحية” كمهنة قائمة الذات تضمن للعاملات حقهن في الحماية الاجتماعية، والعمل اللائق، والأجر العادل، وظروف العمل الآمنة.
مسارات نضالية ممتدة في الزمان والمكان شكلتها معارك العاملات في القطاع الفلاحي المتواصلة من أجل افتكاك حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية، صرخات في وجه التهميش والتسويف وعدم الاعتراف بدورهن الأساسي في تأمين الأمن الغذائي الوطني.
“العريضة الوطنية من أجل الاعتراف بمهنة عاملة فلاحية”، ستتوج ختام حراك العاملات وستكون سبيلهن نحو الاعتراف وافتكاك حقوقهن المسلوبة على مرأى ومسمع الدولة.
من أجل “عاملة في القطاع الفلاحي بأجر لائق وعادل ونقل آمن وتغطية اجتماعية وصحية تحفظ كرامتها” هكذا استهلت النساء المنخرطات بحراك “أصوات عاملات الفلاحة” والمشاركات في المؤتمر الثاني للعاملات في القطاع الفلاحي بيانهن.
الهدف من هذا الحراك والمؤتمرات المنبثق عنه تنظيم نضال نسوي قاعدي تقوده العاملات بأنفسهن دفاعا عن حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية من أجل إيصال صوت عاملات الفلاحة إلى عموم التونسيين والتونسيات.
وفي ظل تواصل وقوع الحوادث القاتلة وتعاظم ظروف العمل المزرية، لم تنس العاملات في الفلاحة شهيدات شاحنات وكل إمرأة أفنت عمرها من أجل القوت اليومي وكانت ضمانة للأمن الغذائي التونسي.
بيان العاملات عرج على ظروف العمل غير الآمنة وكل تلك الانتهاكات التي تطالهن بدءا من النقل وصولا إلى الأجر الهش وعلى كل إجراءات الحكومات المتعاقبة التي بقيت حبرا على ورق.
هؤلاء المكافحات اللاتي يشكلن أكثر من 80% من مجموع المشتغلين بالقطاع الفلاحي حيث تجاوز عددهن الــ500 ألف عاملة زلزلن الشارع بأصواتهن المعمدة برائحة الأرض وطالبن بالاعتراف القانوني بصفة عاملة الفلاحة.
في حراك ضمنت “أصوات نساء” نبضه نادى ملح الأرض بضمان وسائل نقل آمنة وبعيدة عن الاستغلال وحوادث الطرقات، وضمان أجر عادل ولائق وضمان التغطية الاجتماعية والصحية الشاملتين، والاعتراف بحق العاملات في التنظيم الذاتي والمشاركة في الحوار الاجتماعي وصنع القرار.
في المؤتمر الثاني لحراك أصوات عاملات الفلاحة دوت الأصوات بتصدر معاناة المكافحات إلى النقاش العمومي بعد أن لفها النسيان الذي لا يتلاشى إلا مناسبتبا لينغمس في أغلب الأحيان في الدم والدموع.
وإثره تم الإعلان عن إطلاق العريضة الوطنية للاعتراف بمهنة عاملة في القطاع الفلاحي، والتي جمعت 2000 إمضاء من العاملات من مختلف مناطق البلاد.
ولن تكف العاملات الفلاحيات عن التحرك والتعبئة القاعدية في الجهات، وعن خوض كافة اشكال النضال من اجل الحصول على مطالبهن بما فيها تنظيم إضراب عام وطني لعاملات الفلاحة إذا لم يتم التجاوب مع هذه المطالب التي تبدو بديهية.