“شروق مريم” عمل مسرحي جديد دراماتورجيا وإخراج وتمثيل الفنانة منال عبد القوي، ونص من تأليف الكاتب السعودي فهد ردة الحارثي وإدارة ممثل حمزة الورتتاني وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بأريانة بإدارة الفنان رمزي عزيز.
وهذا العمل الذي يستمد عنوانه من اسم النص الأصلي واسم الشخصية في الحكاية التي تختزل حياة النساء وسط مجتمعات ذكورية وسلطات أبوية تبخسها حقها في تقرير مصيرها وتكيل لها الوصوم لأنها لم تتزوج ولم تنجب ولم ترض بأن تكون سجينة لأطر تعالت مسبقا.
مواضيع اجتماعية وثقافية وانسانية وفلسفية يطرحها هذا العمل الذي تظافرت فيه العناصر المسرحية من إخراج وأداء ونص لتترجم ما تعيشه النساء وسط العقليات المتكلسة التي لا تجاري التغييرات القانونية والتشريعية التي تضمن للمرأة حقوقها وحرياتها.
للحديث عن هذا العمل وعن تفاصيله التي طعمتها منال عبد القوي بتغييرات انتصرت للمرأة التقطها رياليتي أون لاين وكان الحوار التالي:
إلى جانب الإخراج والتمثيل دراماتورجيا المسرحية لمنال عبد القوي حيث يبدو الطين تيمة أساسية في العرض ومنطلقا لمساءلة المجتمعات العربية، كيف تشكلت ملامح هذا العنصر المحرك في الكتابة؟
في الواقع حافظت على النص الأصلي للكاتب السعودي الأستاذ فهد ردة الحارثي المنطوق بالعربية الفصحى وضمّنتُ بعض الإضافات في الدراماتورجيا من ذلك أن الطين لم يكن موجودا في النص الأصلي وكانت آلات الخياطة محله.
اختيار الطين نابع من رمزيته أولا فمنه خلقنا وإليه نعود، وثانيا هو شيء مهم ومحوري في حياة “شروق مريم”، تحبه وتشكله كما تريد، تبث له شكواها وتحدثه بما يختلج في صدرها، تغضب منه وتعانقه.
في تعاملها مع الطين تسائل الشخصية المجتمع والعقلية وتعيد صياغة ما يصطلح عليه بأزمة منتصف العمر وكأن الطين ملاذها الوحيد؟
الطين بالنسبة للشخصية ابنها الذي لم يتخبط في أحشائها وزوجها الذي حلمت به وكان الواقع مغايرا لما نشدته وعائلتها التي غيبها الموت وكل من غيبتهم الحياة، وهي في تعاملها مع الطين تحاكي تعاملها مع مجتمع وعقلية وحياة بأكملها.
هي في منتصف العمر، و منتصف العمر عند المرأة سن حساسة زد على ذلك الوضعية التي عاشتها حتى صارت تعبر عن كل انفعالاتها عبر الطين، الجميع رحل إما حياة أو موتا ولا صديق لها إلاه.
في المسرحية تحضر لهجات عربية مختلفة إلى جانب العربية الفصحى، هل الإضافات التي شملت الدراماتورجيا سعت منذ البداية إلى تحرير المرأة في النص من حيز مكاني معين؟
المسرحية تخاطب المرأة العربية عموما، وعندما قررت تحويل نص الأستاذ فهد ردة الحارثي إلى مسرحية استشرته لإضفاء بعض التغييرات ووافق فمنذ البداية قررت أن يمس العمل المرأة العربية في كل تفاصيله.
من الملابس التي اعتمدت على زي باللونين الأسود والذهبي يحاكي الأزياء في المغرب العربي والمشرق والخليج، إلى التنقل بين اللهجات قلتُ إن المرأة على الركح ليست تونسية ولا من أي جنسية عربية فحسب بل هي المرأة في كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج.
إذا المسرحية صرخة النساء اللاتي يعانين تمظهرات مختلفة للظلم المسلط عليهن من المجتمعات؟
رغم التقدم والتحرر الذي أحرزته المرأة في المجتمعات العربية ورغم الحديث عن المساواة مازال جانب كبير مظلم في واقع المرأة، العنف متواصل والزواج غصبا والظلم المتعلق بعدم الإنجاب والخضوع والتطبيع مع الاعتداءات..
واقع المرأة عرف تحسنا في العقود الأخيرة ولكن ذلك لا يححب معاناتها ولا يطمس فكرة التعاطي الدوني مع مشاكلها رغم تطور القوانين والتشريعات التي لم تنجح في تغيير العقليات.
إلى جانب الطرح الذي يعتمد على مخاطبة المرأة العربية تخاطب المسرحية نساء بخلفيات مختلفة، هل المسرحية محاولة لإيجاد فضاء تتمثل فيه النساء العربيات أنفسهن؟
إلى جانب العربية الفصحى هناك لهجات عربية مختلفة والهدف من ذلك هو مخاطبة المرأة العربية عموما وأن تشعر كل إمرأة تشاهد المسرحية بأنني بلغتُ صوتها.
الحديث عن المرأة العربية عموما مقصود وبما أنها ليست بمعزل عن الرجل تحدثت عنه المسرحية في مراوحة بين ممارسته للظلم والتعرض له في طرح عربي بامتياز كان اختيارا مني وشاركني فيه الاستاذ فهد ردة الحارثي وترجمته في الإخراج والسينوغرافيا والملابس واللهجات.
الموسيقى والغناء أضفيا على العرض مسحات راوحت بين الشجن والوجع والإضحاك والهزل وأثرا إيجابيا في الأداء، كيف كان اختيار الأغاني خاصة في علاقة بالفنان الجمعي العماري والفنان بلقاسم بوقنة؟
وأنا أكتب نص المسرحية تبادر إلى ذهني الفنان الجمعي العماري وهو ممثل ومغن كنت على يقين بأنه سيثري العمل لأنه ممثل بالأساس، وعندما اطلع على النص اختار هو الأغاني ومواضع غناها وسجلها خصيصا المسرحية في استديو قيس المليتي وبث فيها الكثير من روحه.
وبالنسبة لأغنية الفنان بلقاسم بوقنة فهي تتحدث عن الشروق والشمس في انسجام وتماه مع الشخصية ومساراتها وقد تنازل عن حقوق التأليف.
وعلى إيقاع صوت الفنانين الجمعي العماري والقادم بوقنة أتحرك على الركح وأتقمص الشخصية باختلاف واحساس عميق ينبع من الحب الذي أكنه لهما، وفي المسرحية هناك أيضا أغنية من التراث العراقي “هذا الحلو قاتلني يا عمة” وهي اختيار الأستاذ فهد ردة الحارثي وموجودة في النص الأصلي.
إلى جانب الموسيقى التعدد والتنوع حضر أيضا في الرقص؟
في الرقصات أيضا حاولت أن أحاكي كل أنماط الرقص في العالم العربي، رقصت على الطريقة الخليجية والمغاربية والشرقية في تجسيد للتعدد.
في مسرحية “شروق مريم” حضرت المرأة العربية برقصاتها وأزيائها ولهجاتها المتعددة على إيقاع موسيقى متنوعة.