المشكل في مسألة الدعم المطروح منذ ما يقارب أربعين سنة هو أن نحو 80% منه يستفيد منه غير المحتاجين إليه فعلا حسب عديد المصادر وفي عهود مختلفة، أي في كلمات قليلة:
من كل 10 أشخاص هناك 8 أغنياء يقاسمون 2 من الفقراء لقمة العيش التي توفرها لهما الدولة.
والحل الذي اقترحته أكثر من مرة، ومن زمان، ولم يهتم به أحد لأنه صادر عن نكرة من نكرات هذا البلد، هو قلب تلك الجملة ليصبح:
من كل 10 أشخاص يجب أن يقاسم 2 من الفقراء 8 أغنياء لقمة العيش التي بمقدورهم، هم، أن يوفروها للجميع.
والمطلوب من الدولة أن تحدد المبلغ اللازم لتوفير المواد الأساسية لمدة عام لكل التونسيين، ثم تسنّ قانونا يفرض أن يكون ذلك المبلغ حصيلة ضريبة على الثروة وتحدد عددأمثال هؤلاء:
_ مالكي العمارات
_ مالكي الفيلات الفخمة وحمامات السباحة
_ مالكي التخوت والطائرات
_ مالكي الأراضي الشاسعة
_ مالكي أكثر من محلي سكنى
_ مالكي أكثر من سيارة فخمة
_ الذين تتجاوز مرتباتهم العشرين ألف دينار
_ الذين تتجاوز مرتباتهم العشرة آلاف دينار ولا تصل إلى عشرين
_ الذين تتجاوز مرتباتهم الخمسة آلاف دينار ولا تصل إلى عشرة
إلخ…
هذا هو حل ممكن في نظري لأن حكاية "توجيه الدعم إلى مستحقيه" لم يعد لها أي معنى بعد أن صار حتى من يتقاضى ثلاثة آلاف دينار شهريا في حاجة إلى الدعم…
ثم إن الإبقاء على أسعار المواد الأساسية على حالها من شأنه أن يقطع الطريق أمام من سيتحججون بارتفاع الأسعار لـ"يشعلوا النار" في أسعار كل شيء بدءا من الصحن التونسي وكسكروت الكفتاجي، فضلا عن أن بقاء هذه الأسعار في المتناول من شأنه التشجيع على السياحة.
كلمة أخيرة: هذا الرأي كتبته بعد الاستماع إلى المعلومات المسربة عن الزيادات المبرمجة للسنوات القادمة، وهي زيادات مرعبة بكل معاني الكلمة،في ما يتعلق بأهم المواد الأساسية والتي يبدو أن مقترحيها، هذه الزيادات، لم يستمعوا يوما إلى مارسال خليفة وهو يصرخ من كلمات محمود درويش:
"أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي"
إنها أرقام مرعبة يمكن أن تؤدي إلى حرق البلاد كما حدث دات 3 و4 جانفي 1984 في ما يسمى بـ"أحداث الخبز" رغم أن وقتها كانت هناك دولة قوية ورجال يمكن أن يُسمّوا رجال دولة مقارنة بالكوارث الذين حكموننا منذ 2011..