اعتبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أنّ القرار الصادر عن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقاضي بمنع التداول الإعلامي في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة “فاقد للسند القانوني”، ويتنافى مع الفصل 55 من الدستور الذي ينصّ على إمكانية تقييد الحقوق والحريات، بما فيها حرية الصحافة، وفقا لجملة من الشروط والضوابط والتي من بينها شرط الضرورة في نظام ديمقراطي.
وأعلنت النقابة، في بيان أصدرته اليوم الأحد، أنّها توجّهت للطعن في هذا القرار لدى دائرة الاتهام بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، داعية القضاء إلى الانتصار لمبدأ الحرية والابتعاد عن منطق التعتيم والرقابة المسبقة.
واعتبرت أنّ هذا القرار يضرب حقّ المواطنين والمواطنات في المعلومة، خاصّة وأنّ هذا النوع من القضايا يحظى بمتابعة الرأي العام الوطني والسياسي ويجب أن يتوفّر فيه حدّ أدنى من الشفافية والوضوح
وأشارت إلى أنّ هذا القرار “يتعارض مع الدستور والعهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف تونس، ومع التطور التكنولوجي الذي يسمح بتناول هذه المواضيع من طرف وسائل الإعلام الأجنبية وداخل مواقع التواصل الاجتماعي”.
وارتأت أنّ هذا القرار “مخالف لأحكام الفصل 37 من الدستور الحالي الذي يمنع الرقابة المسبقة على حرية التعبير والإعلام والنشر”، لافتة إلى أنّه “لا يمكن التعلّل بأن التداول الإعلامي من شأنه المساس بحسن سير التحقيق أو حقوق المتهمين لأن السيد قاضي التحقيق غير مطلع على ما يمكن أن تبثه وسائل الإعلام من مضامين إعلامية”.
وأشارت إلى أنّ هذا القرار يتعارض مع الفصل 38 من الدستور الذي يكرس حق المواطنين والمواطنات في المعلومة خاصّة وأنّ هذا النوع من القضايا يحظى بمتابعة الرأي العام الوطني والسياسي ويجب أن يتوفر فيه حد أدنى من الشفافية والوضوح، وفق تأكيدها.
وأعربت عن استغرابها من هذا “النزوع نحو المنع والرقابة المسبقة عوض توضيح الغموض الذي يلف القضية مما ساهم في انتشار أخبار غير رسمية عن القضية بالإضافة إلى الإشاعات والتسريبات الموجهة بهدف التأثير على الرأي العام”، وفق نصّ البيان.
وأوضحت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أنّ هذا القرار لم يحترم شرط الضرورة طالما أنّه لازال بالإمكان استعمال مواقع التواصل الاجتماعي للتداول الإعلامي في هذه القضية خارج كل الضوابط القانونية والأخلاقية الملزمة لوسائل الإعلام، حسب تعبيرها.
واعتبرت أنّه “كان من الأجدر أن تقوم السلطة القضائية بمد الصحفيين والصحفيات بصورة حينية بالمعلومات الضرورية لإنارة الرأي العام وإثراء النقاشات والقيام بتغطية إعلامية متوازنة”.
وطالبت نقابة الصحفيين النيابة العمومية بإعلام الرأي العام بتطورات القضيّة اسوة بما يحصل في قضايا مماثلة في دول أخرى على غرار قضية التجسس الروسي على الولايات المتحدة والتي حظيت بمتابعة وتغطية إعلامية حينية ومفصلة.
ودعت جميع الصحفيين والصحافيات إلى مواصلة قيامهم بمهامهم في تغطية الأخبار المتعلقة بقضية التآمر وفقا للقواعد القانونية والأخلاقية المتعارف عليها.