في آخر اخبار عملية اغتيال الشهيد البطل اسماعيل هنية ان عبوة او قنبلة قد زرعت قبل مدة في الغرفة التي تعود الزعيم الفلسطيني الاقامة فيها كلما حضر الى طهران. صحيح ان الرواية آتية من س ن ن الامريكية الواقعة في الكل او في اجزاء منها تحت تأثير منظومة الاتصال الصهيونية لصرف النظر عن طريقة اخرى محتملة للاغتيال لا تريد امريكا او الكيان الصهيوني ان تتعرف عليها الاطراف المقابلة، لكن هذا الاحتمال لا يمنع من تحميل الجهة المكلفة بحماية هنية مسؤولية اغتياله.
ليس في وارد هذا المقال اتهام السلطة الايرانية ولا ايضا جهاز الحرس الثوري المنوط بعهدته أمن حي قدماء المحاربين ومن ضمنه مقر اقامة هنية سواء تعلق الامر بغرفة وحيدة او شقة في عمارة او فيلا مستقلة ولكن كل الدلائل تشير الى حصول اختراق ما، على مستوى رفيع، بعيد عن أي شبهة وجدير بثقة كبار المسؤولين.
تفترض الإجراءات الاحترازية ان لا يقيم إسماعيل هنية في نفس الحي وفي نفس الإقامة كلما حضر الى طهران. وتفترض ان يقع تغيير المقر ولو في آخر لحظة كما تفترض ان يكون اسم الضيف معلوما من شخص واحد او اثنين على اقصى تقدير فضلا عن التغيير المستمر للمرافقين والحراس وموظفي الخدمات.
تفترض الإجراءات الاحترازية تحصين المقر ضد القنابل والقذائف بأنواعها وربما كان من المفروض اختيار مقر تحت ارضي.
يحكى عن الزعيم ياسر عرفات انه، طوال اقامته في عمان بالأردن وطرابلس لبنان وبيروت وحتى تونس، لا يبيت ليلتين متتاليتين في مكان واحد وانه يغير مواعيد اجتماعاته واستقبالاته في كل لحظة وانه كثيرا ما كان يبيت ليله نائما في سيارة تتجول في ارجاء المدينة التي هو فيها او متحدثا الى أحد مساعديه.
أفلت او بالأحرى نجا أبو عمار من عشرات محاولات الاغتيال منها واحدة في العاصمة الأردنية عمان حصلت سنة 1970، حيث نجح الراحل الباهي الادغم الوزير الأول آنذاك في انقاذه من بطش خصومه وتهريبه وهو مرتد ” للسفساري التونسي”.
بعد نحو 15 سنة، كان أبو عمار قاب قوسين او أدني من ان يموت في تونس، حدود العاشرة من صباح يوم 1 أكتوبر 1985 لولا انه في آخر لحظة غير طريقه من قمرت الى برج السدرية فذهب الى رادس لأمر لم يكن معلوما من المخبر الذي جندته دولة الكيان من بين موظفي منظمة التحرير لمدها بآخر المعطيات وتحرك القيادات ومقرات اقامتهم وساعات تواجدهم في هذا المكان او ذاك.
قوة دولة الكيان في هذا الباب انها تحذق استغلال ضعف الطرف المقابل. من مظاهر الضعف، الحاجة الى المال، التورط اللاإرادي في عمل ما، الوقوع تحت ضغط ما، الصدفة، العفوية، الاستعداد الفطري، الخ. فليس لدولة الكيان قوة بقدر ما للطرف المقابل ضعف.
وعلى إزالة نقاط الضعف هذه وغيرها وجب العمل في كل آن وحين وسد كل الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها المخبرون والمخترقون. فكيف قتل الشيخ ياسين لولا ان أحدهم دل على توقيت خروجه من المسجد فجرا، وكيف قتل عبد العزيز الرنتيسي لولا ان أحدهم وضع على سطح سيارته شريحة دلت الصاروخ الذي وصل اليه وأودى بحياته. وكيف عرف جيش الاحتلال ان محمد الضيف خرج من الانفاق وتجول بين الاشجار بحثا عن شحنة ضرورية من الاوكسيجين الحي لولا ان أحدهم “باع” الخبر.
لاحظوا ان من بين نقاط التفاوض، والتي لا يطول بشأنها الحديث كما لا تنتشر بين الناس، بندا يوصي بعدم الاعتراض للمخبرين والمتعاونين وما شابههم.
أحمد البرجي
302