بقلم المهندسة رانيا الحـمّـامي
انعقد يوم الثلاثاء 1 جويلية 2025 أول اجتماع عمل ترأسه العميد المهندس محسن الغرسي، من أجل مبادرة متميزة تتمثل في تجديد مقر عمادة المهندسين. وهي تأكيد على الوعي العميق بأهمية الرمزيات المهنية وهيبة المهنة. فالمبنى الذي يحتل مكانا مهما في شارع الحبيب بورقيبة، القلب النابض والرمزي للعاصمة، يجب أن يترجم حلم المهندس وقدرته على التحليق وإعادة إعمار البلاد بشكل معاصر.
ونعتقد أن هذه الخطوة ليست مجرد ترميم، بل هي حركة رمزية ورسالة واضحة بضرورة إعادة النظر و”ترميم” وضعية المهندس التونسي، وإعلان موقف فكري ومهني يؤكد أن للمهندس التونسي الحق في فضاء يليق بمقامه، يعزز انتماءه، ويترجم حضوره الفعلي في تحديث البلاد.
إن مقر العمادة هو واجهة المهنة، وجب أن يعكس هوية المهندس التونسي ورؤيته للمستقبل. فمن غير المقبول أن ننادي بالتجديد والتحديث واحترام حقوقنا، فيما مقر عمادتنا ما يزال يعكس صورة قديمة لا تليق بمكانة المهندس. كما أن المهندس التونسي يستحق فضاء يحترم مقامه العلمي والمهني، وكفاءته، ومكانته.
ما نأمله أن يكون مقر عمادة المهندسين مقرا عصريا متكاملا، يرسخ الانطباع بالمهنية والقيادة والإبداع، ليكون نموذجا يحتذى به من باقي المؤسسات، ولِمَ لا، يُدرّس مستقبلا كمشروع مرجعي. كما نأمل أن يكون مجهزا بتقنيات ذكية، يحافظ على الطاقة، ويتماشى مع التغيرات المناخية، ويرتكز على الاستدامة والمواد المحلية قدر الإمكان. على أن يُضاف إليه طابع رمزي، ولِمَ لا، تاريخي يذكّر الجميع بأهمية مهنة المهندس وعراقتها في البلاد التونسية، حيث كان ماغون في العهد القرطاجي أول مهندس فلاحي في التاريخ، كتب 28 مجلدا وما تزال طرقه مستعملة إلى اليوم.
وفي ذات الوقت، يمكن استغلال فضاءات المقر في تنظيم ندوات دولية وورشات علمية. كما يمكن أن تتكون الدراسة المعمارية للمشروع من ثلاث اقتراحات، يتم التصويت عليها من قبل كافة المهندسين. ويبقى الجانب الإداري والعقاري للبناية من مشمولات أهل الاختصاص. أما التمويل، فيمكن أن تتضامن فيه كل الأطراف المتداخلة في الميدان الهندسي لإنجازه، إلى جانب الشركات الكبرى التي تسعى إلى أن تكون موادها ومنتجاتها حاضرة ورائدة، فالماركيتنغ يمكن أن يتجاوز المطويات والإشهار الكلاسيكي. كما يمكن لكافة المهندسين، داخل تونس وخارجها، التفاعل والمساهمة في تمويل هذا الإنجاز.
وفي الختام، نعبر عن دعمنا المطلق لهذه المبادرة التي تجعل من مقر ودار المهندس التونسي فضاء يليق به ويليق بتونس.