سنة 2019 جرفت السيول جسد تلميذة كان من المفترض أنها تتزين اليوم لتلتحق بمقاعد الدراسة يوم العودة المدرسية، وتشظت أحلامها حينما اصطدمت بخيوط الماء المتمردة ذات فيضان.
في طريق العودة من المدرسة واجهت لوحدها ثورة واد في منطقة فرنانة التي ترزح تحت عبء الفقر والتهميش والنسيان، ولم يقاوم جسدها الصغير تدفق السيل وأغمضت عينيها الزرقاوين على أحلامها التي ماتت قبل أن تحياها.
رحيل تراجيدي لطفلة وتلميذة أحبت الدراسة وكانت آخر فعل تؤتيه قبل أن تستسلم إلى تراكمات المطر ، بهيجانها وبرودتها، رحيل عرّى زيف العدالة الاجتماعية وكذب الدولة وأشياء أخرى.
مها القضقاضي الطفلة التي أبكت ابتسامتها المشحونة بالأمل والحلم رغم ما يخالط واقعها من سوداوية، رغم الفقر الذي يلقي بظلاله على كل شيء من حولها ورغم ملحمة الالتحاق بالمدرسة.
سنة أخرى تمر على رحيل القضقاضي، سنة أخرى يتأكد معها استقالة الدولة من مهامها. فمعاناة التلاميذ في الأركان القصية من البلاد لا تنتهي. سنة أخرى لا تبتسم فيها مها ويشع لون السماء في عينيها وهي تعانق صورة المدرسة.
رحل جسد مها عن هذه الأرض وظلت روحها ترفرف في ثنايا المدرسة الابتدائية البطاح فرنانة وصورتها تذكر الناظر إليها بأن الجراح ما تزال مفتوحة.